لو قدر للعرب أن يكتبوا مسرحية هوليودية على غرار مسرحيات "الحكواتي" لما تمكنوا من كتابتها أفضل مما كتبت على طريقة "قمة الكويت العربية" المهترئة وما كانت ستُضحِك الرأي العام العالمي قبل العربي أكثر مما ضحك خلال الأيام الماضية ولما دفعهم لقول ما قاله شاعر العرب الكبير أبو الطيب المتنبي  "يا أمة ضحكت من جهلها الأمم" .

فبعد انتظار عربي طويل ومخاض خليجي عسير بمقدار ما للكويت وأخواتها في مجلس التعاون من وزن وثقل في ميزان الوطن العربي، أنهت "قمة الكويت" العربية أعمالها باصدار "اعلان" بدلاً من "بيان" كما هوالمعتاد، اعلان لا يساوي حتى قيمة الحبر الذي كتب به بعد خطابات نارية ملونة مضحكة وأتهامات البعض لشقيقه الآخر بالعدوانية والتآمر، وزعل المتهم الأول في حرف مسيرة الأمة نحو التقاتل والتناحر الأخوي والطائفي وسفك الدماء البريئة وأستباحة الأعراض النفيسة وأنتهاك المقدسات على طول الوطن العربي من العراق وحتى المغرب العربي ببترودولاره، وعدم مشاركة الآخر العاقل وأبتعاده ردءاَ للفتنة القبلية والجاهلية التكفيرية .

فجاء "الاعلان" الختامي وكالعادة في غالبية القمم ال 24 التي سبقة "قمة الكويت" بعباراته الهزيلة الغير ملزمة وفاقدة للقيمة ولا تساوي حتى قيمة الورق التي طبعت عليه؛ حيث بدأت نقاط اعلان "قادة" الدول العربية كما سموا أنفسهم بكلمات ملونة كبيرة أكبر من حجم من نصها وسردها في مفهومها العربي مثل "نؤكد، نجدد، نعلن، نلتزم، ندعو، نشيد، نطالب، نعرب، نرحب ونحث" بخصوص مختلف القضايا التي تعصف في مجمل الوطن العربي فيما تجاهلوا قضية الأمة المركزية التي أوسست الجامعة العربية وأقيمت قممها لتحريرهها من براثن الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من ستة عقود ونيف .

لم ولن تفاجئ عبارة "واذ نستذكر التحديات التي تواجه امتنا العربية فاننا نؤكد مجددا ان القضية الفلسطينية تظل القضية المركزية لشعوب امتنا ونكرس كافة جهودنا لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية"، المواطن العربي ولا حتى غيرهم الذين أعتادوا القرارات العربية وكيفية اعدادها في بلدان اخرى غير عربية لتكون قرارات القمم العربیة باسم "قادة" يتشدقون بالقومية والعروبة فيما هم بعيداً كل البعد عنها ولا تنقذهم عبارة "اذ نعبر عن ادانتنا الحازمة للانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال الاسرائيلي على المسجد الاقصى المبارك" من واقع الأمر المرير بعد أنخضعوا وانصاعوا للتهديدات الاميركية بمنع اصدار "بيان ختامي" والاكتفاء باصدار "اعلان" كي لا يتم ذكر "يهودية الدولة" في بيان رسمي عربي !!، فكيف بهم أن يدينوا تواصل أجرام الاحتلال الغاصب للقدس أولى قبلتهم الراكنة تحت مخالب السرطان الصهيوني منذ أكثر من ستة عقود.. هذا إن كانوا مسلمين .

"القادة العرب" يقفون كل الوقوف على عدم مقدورهم حلحلة حتى قضية واحدة من قضاياهم الجزئية والبسيطة مثل الصراع بين السعودية وقطر أو الرياض والمنامة على ملكية بعض الجزر الصغيرة، فكيف بهم أن يتفقوا على التوصل لحل "عادل وشامل" لقضية الأمة المركزية ألا وهي فلسطين ما دام "الأب الراعي" يرفض حتى ذكرها ولو بعبارة صغيرة، والعرب منقسمون ومشتتون ومنحازون لناهب الأرض قبل الشقيق والصديق ويفتقدون للمصداقية في قراراتهم وتنعدم الثقة فيما بينهم .

كما كيف بامكان هؤلاء "القادة" العظام التأكيد مجدداً على التزامهم  "بما ورد في ميثاق جامعة الدول العربية والمعاهدات والاتفاقيات التي صادقت عليها الدول العربية الرامية الى توطيد العلاقات العربية - العربية و تمتين أواصر الصلات القائمة بين الدول العربية من اجل الارتقاء باوضاع الامة العربية وتعزيز مكانتها واعلاء دورها على الصعيد الانساني" كما في بيانهم، فيما غالبية دولهم تعاني التمييز الطائفي والارهاب التكفيري والشقاق والنفاق وعداء الأخ لأخيه وانتهاك حرمته والعبث بالأخضر واليابسة أرضاءاً ل"بني صهيون" ألد أعداء الأمة.

"قادة" يجهلون كل الجهل من أن حلحلة قضايا الأمة تأتي عبر ما يفتقدونه من استقلالية للقرار السياسي وآليات القدرة والقوة الوطنية والمواقف الموحدة والعدالة الاجتماعية وتكريس حقوق شعوبهم المظلومة التي تعيش تحت وطأة قبضتهم الحديدية عقود طويلة، وليس بالشعارات الرنانة والخطابات والبيانات الخاوية والفاقدة للصلاحية التي يطلقونها ويذرفون عبرها دموع التماسيح متشدقين بالدفاع عن الديمقراطية في هذا البلد أو ذاك وشعوبهم تعيش الويلات والظلامات والتعاسة والفقر، وهم يعبثون بعوائد ثروات الأمة كأنه أرث أستورثوه جاعلين منها دعماً للارهابيين القتلة الذين يعيثون في الأرض فساداً.

قمة أُريد لها أن تكون كسائر القمم التي سبقتها محلاً للتصوير والتنظير وإلقاء خطابات ورفع شعارات وإصدار بيانات ملونة رنانة وتبيض الوجوه النكرة بمساحيق التجميل، وعقد جولات من المجاملات تارة في الجلسات المغلقة والملاكمات على العلن ثم ينفضون مودعين "بمثل ما استقبلوا به"، فيما لا تزال أوضاع الأمة ملتهبة تعصف بها العواصف الداخلية والخارجية والشارع العربي يغلي مطالباً بأبسط أستحقاقاته للعيش الآمن والسليم في ظل المشاركة الوطنية والمساواة دون تمييز طائفي أو عرقي  لكل واحد من أبنائه حرية أنتمائه الديني دون قمع أو تهديد أو تهجير أو تكفير أوقتل أو اعتقال أو حرمان من الدراسة أو الوظيفة أولقمة العيش كما هو الحال في السعودية والبحرين واليمن ومصر و...

قمة وصفها البعض ب"قمة التآمر" على شعوب الامة وقضاياها بتفاخر وتبجح وقادتها المجتمعونيتباهون بتفانيهم في خدمة المخططات الاسرائيلية - الامیركية، "قمة" الاصرار على المضي فیرعايتهم ل"التكفير" ودعم استمراره في سفك دماء الشعوب وتدمير بناها التحتية وحرق الأخضر واليابسة أمتثالاً لرغبة الأسياد في واشنطن وتل أبيب، حيث وقف نظام آل سعود يطالب دون خجل أو استحياء بتسليح العصابات الارهابية التي تسفك الدماء البريئة في العراق وسوريا ولبنان وتقوض أمن وأستقرار المنطقة بتناحر وتقاتل أخوي تمهيداً لتمرير حلهم التصفوي للقضية الفلسطينية بمساعدة بعض الحكام المرتعدين والمرتعيشن من انتفاضات شعوبهم والضغوط الاميركية بعد أن أحبطت في اعطاء مقعد سوريا المقاومة والصمود لمجموعة "مجلس اسطنبول" الخياني .

قمة خيانية اخرى لم تثير اهتمام حتى أصغر طفل عربي، حالها حال الققم السابقة لجامعة عبرية وليست عربية تحولت الى دائرة ملحقة بدواوين حكام العهر الخليجي اصحاب العباءات الشيطانية القذرة الذين يتوهمون بأنهم اسياد العصر، وهم الصغار غير القادرين على الالتحاق بنوادي الكبار؛ عكست صورةلقاء للعربان وغربانهم الذين شددوا مرة اخرى على طي صفحة فلسطين وتسوية قضيتها المركزية بالضغط على الجانب الفلسطيني للقبول بالحل الامیركي - الاسرائيلي التساومي الخياني للاعتراف ب"يهودية" الكيان اللقيط ودولته على أرض المقدسات السماوية.

قمة الكويت المخزية قوننة "التكفير" الأرض الخصبة والمغذي الاساس للارهاب على مستوى الأمة، ذلك الارهاب المدان بشكل روتيني سياسي من قبل اصحاب السيادة والفخامة الذين لم ولن يكونوا صادقين ولو لمرة واحدة في نواياهم وشعاراتهم الملونة المتباينة المراوغة، ليعيدونا بالذاكرة الى "قمة اللاءات الثلاث" في الخرطوم بعد نكسة حزيران / يونيو عام 1967 وهي "لا صلح؛ لا اعتراف؛ لا تفاوض" بعد عنتريات أطلقها بعض القادة العرب آنذاك ايضاً حيث القول دون العمل وهو ما أثبتته أفعالهم خلال العقود الماضية التي تلت تلك القمة، فصالحوا واعترفوا وفاوضوا ولا يزالوا يتسابقون نحو الغاصب المحتل لاقامة العلاقات معه.. ياللعار والجاهلية .

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

 

قائمه


 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شناشيل  للاستضافة والتصميم

pepek