لم تستغرق الفترة بين رفع الحصانة عن رئيس البرلمان سليم الجبوري وإصدار قرار براءته أكثر من ساعتين. إذ أكد القضاء أنّ التهم التي وجهها وزير الدفاع للجبوري "غير كافية".
وبعد أن قدّم طلباً لرفع الحصانة عنه قبيل مثوله أمام القضاء الذي أفرج عنه، يتوقع أن يعود الجبوري إلى منصبه مرة أُخرى ضمن "صفقة" عقدها مع كتلته (اتحاد القوى) مقابل تغييرات تطول حكومتي الانبار ونينوى المحسوبتين على الحزب الإسلامي، بحسب بعض التسريبات.
إلى ذلك أرجأ مجلس النواب التصويت حول قناعته باستجواب وزير الدفاع الى الأُسبوع المقبل، بانتظار إتمام التحقيق القضائي، على وفق كلام نواب.
وسرّبت، خلال اليومين الماضيين بعض المواقع الالكترونية عددا من التسجيلات الصوتية، التي تبدو أنها جزء من "الأدلة" التي قدمها وزير الدفاع الى "القضاء" لدعم موقفه من الاتهامات التي فجرها خلال جلسة استجوابه.
وتضمنت التسجيلات كلاماً "ودّيّاً" بين رئيس البرلمان ووزير الدفاع، بالاضافة الى عدد من النواب، حول مواضيع سياسية مختلفة. لكنَّ مراقبين رأوا ان التسجيلات لا تمثل تأكيدا او تورطاً بالفساد، وان إثباتها بحاجة لأدلة قطعية لا تقبل الشك أو التأويل.
وأعلنت السلطة القضائية، أمس الثلاثاء، الإفراج عن رئيس البرلمان سليم الجبوري لعدم كفاية الادلة المستحصلة ضده، وقررت إطلاق سراحه وإغلاق الدعوى ضده.
وقال القاضي عبد الستار بيرقدار، المتحدث باسم السلطة القضائية، إن "الهيئة القضائية التحقيقية المكلفة في ما ورد بأقوال وزير الدفاع خالد العبيدي بالاتهامات التي وجهها خلال جلسة استجوابه قررت الإفراج عن رئيس مجلس النواب سليم الجبوري لعدم كفاية الأدلة".
وكان الجبوري قد حضر، أمس، أمام الهيئة التحقيقية المكلفة بالتحقيق في ما ورد من اتهامات على لسان وزير الدفاع، بعد أقل من ساعتين على رفع الحصانة عن رئيس البرلمان.
وصوّت البرلمان في بداية جلسة أمس على رفع الحصانة البرلمانية عن رئيسه بناء على طلبه. وتوجه الجبوري الى القضاء مباشرة، ليصدر قرار "البراءة" في الساعة 2.30 ظهراً.
كما صوّت البرلمان على رفع الحصانة عن النائبين محمد الكربولي وطالب المعماري. والثلاثة وردت أسماؤهم في اتهامات وزير الدفاع.
وعن طلبه برفع الحصانه، قال الجبوري أمام البرلمان أمس، ان "هذا الاجراء جاء رغبة في اتمام التحقيقات المتعلقة بجملة من الاتهامات التي أُطلقت بحقه وعدد من النواب .."
وأكد رئيس البرلمان، في بيان تلاه إثر رفع الحصانة عنه، أنه سيثبت براءته للشعب العراقي، مؤكدا بالقول "سوف أتحدث بصراحة تامة...وسوف تنكشف الحقائق قريباً ويتبين للجميع أننا كنا حافظين للأمانة التي أقسمنا بها في عملنا النيابي".
وتراجع موقف "اتحاد القوى" مؤخراً، من استبدال الجبوري بمرشح آخر عن الكتلة. واعتبر مصدر سياسي مطّلع في الكتلة السنّية، ان "تبدل نبرة أُسامة النجيفي حول رئيس البرلمان وراءها صفقة سياسية".
وأضاف المصدر، شريطة عدم ذكر اسمه لحساسية المعلومات، ان "اتحاد القوى اتفق على دعم الجبوري مقابل ان يرفع الأخير دعمه عن محافظَي نينوى والأنبار، تمهيداً لتغييرهما".
وينتمي محافظ الانبار صهيب الراوي الى "الحزب الإسلامي" الذي يشغل فيه سليم الجبوري منصب نائب الأمين العام. وكان الراوي قد عاد مؤخرا الى منصبه بقرار من المحكمة الإدارية رغم تصويت مجلس الانبار على إقالته الشهر الماضي.
بالمقابل يعرقل ثلاثة أعضاء في مجلس محافظة نينوى، تابعين الى الحزب الاسلامي، من اصل 39 عضوا، استجواب المحافظ نوفل العاكوب، أو إقالته.
واعتبر المصدر، وهو نائب بارز في كتلة تحالف القوى، ان "تصريحات النجيفي الاخيرة عن ترك الخلاف بين الجبوري والعبيدي الى القضاء، كان ضمن اتفاق التهدئة بين الطرفين".
ومؤخرا، قال زعيم ائتلاف متحدون أُسامة النجيفي، في حوار صحفي، انه بحث أمر رئيس البرلمان خلال اجتماع حضره الاخير: "اتفقنا على تعليق قضية إقالة أو استقالة الجبوري بانتظار ما يقرره القضاء".
وكان قبل ذلك، قد نفى النجيفي ان يكون ما جرى خلال استجواب العبيدي "صراعا داخل المكون السني"، معتبرا انه "صراع ضد الفساد". واتهم سليم الجبوري أسامة النجيفي بالوقوف وراء الاتهامات التي وجهها له وزير الدفاع اثناء جلسة استجوابه.
إلى ذلك اعتبر النائب عن اتحاد القوى عبدالرحمن اللويزي ان "عدم كفاية التهم الموجهة الى الجبوري تضعف موقف وزير الدفاع".
وأكد اللويزي، ان كل الكتل السياسية باستثناء جناج النجيفي، الذي يقول بانه ممثل بنائب واحد فقط، "ضد ما فعله العبيدي في البرلمان".
وعزا النائب عن الموصل تأجيل البت باستجواب وزير الدفاع الى "انتظار ما ستنتج عنه التحقيقات في القضاء، التي قد تؤثر على قناعات النواب".
ولفت اللويزي الى ان "بعض الكتل السياسية مازالت واقعة تحت تأثير الشارع الذي تعاطف مع كلام وزير الدفاع من خلال ماكنته الاعلامية".
وقدم آرام الشيخ محمد، نائب رئيس مجلس النواب ورئيس الجلسة، مقترحين بشأن التصويت على اجوبة وزير الدفاع خالد العبيدي خلال جلسة استجوابه.
وكان المقترح الاول يتضمن "التصويت على قناعة او عدم قناعة بأجوبة الوزير وسحب الثقة منه". فيما كان المقترح الآخر ينص على "تأجيل التصويت لحين استكمال التحقيقات بخصوص ادعاءات الوزير اثناء استجوابه".
بدوره قلل النائب اللويزي من قيمة التسجيلات الصوتية التي قدمها العبيدي الى اللجان التحقيقية التي تسرب جزء كبير منها الى المواقع الإلكترونية. وأكد "انها جلسات اعتيادية، وكان الوزير مرتاحا في كلامه ولم يتوجس من المتحدثين معه في التسجيلات باعتبارهم فاسدين، كما جاء في اتهاماته في مجلس النواب".
وعن مصير رئيس البرلمان بعد إسقاط التهم عنه، قال اللويزي ان "الحصانة ستعود تلقائيا الى رئيس البرلمان بعد ان يكتسب القرار القضائي الدرجة القطعية"، مؤكدا ان "الامر لايحتاج الى تصويت من النواب".
ولفت النائب عن الموصل الى أن "النائب لا يمكنه ان يمثل أمام القضاء وتدوين افادته دون رفع الحصانة بالتصويت خلال فترة عمل البرلمان، او بموافقة رئيس البرلمان خلال العطل التشريعية". وبين ان "النائب يمكن ان يقف امام المحكمة او اي جهة تحقيقية مشتكياً او شاهداً دون الحاجة الى رفع الحصانة".
من جانب آخر قال النائب محمد كون، عضو لجنة النزاهة البرلمانية، التي استمعت للجبوري مرتين، ان "لجنة النزاهة لاتتدخل في قرارات السلطة القضائية، وبأنها تحترم الفصل بين السلطات".
وأضاف محمد كون، أمس، ان "سرعة إصدار أمر براءة لرئيس البرلمان يعود لتقديرات المحكمة التي نظرت بالقضية"، لكنه لفت الى ان "للمتضرر اللجوء الى القضاء. والقرار الاخير يمكن تمييزه من أي طرف".
ويرجح كون ان "يكون العبيدي قد قدم الى القضاء التسجيلات الصوتية نفسها التي تسرب بعضها منها"، نافياً ان أيكون وزير الدفاع قد قدم أدلة اخرى.


 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شناشيل  للاستضافة والتصميم

pepek