مبادرات تلو أخرى، وخطابات تتلوها بيانات، وهلمّ جرّا، لترسم الانسدادات الدائمة ملامح المشهد العراقي الذي يزداد تعقيداً مع مرور الوقت، ولتدخل العملية السياسيّة حاملة عللها وأمراضها المزمنة غرفة الإنعاش بانتظار إعلان وفاتها أو ظهور متبرع حيادي مقبول الرأي يمنحها نبضاً يعيد إليها بعض العافية، وبشأن مبادرة “المستقلين” الأخيرة التي جلبت بصيص أمل في نهاية نفق الغرماء، ذكر مراقبون سياسيون أنَّ الكتل الكبيرة لن تسمح بترشيح شخصية مستقلة لرئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة المنتظرة.

وقال النائب المستقل عامر الفايز في حديث لصحيفة “الصباح” تابعته المستقلة :إنَّ “مبادرة المستقلين رحَّبت بها بعض الكتل السياسية ولكن حتى الآن لم نتسلم جواباً رسمياً للقبول أو الرفض”، وبيَّن أنَّ “المستقلين سيشكلون لجنة للتحرك على كل الكتل السياسية لمعرفة آرائها ومناقشة حيثيات المبادرة لقبول أو عدم قبول المبادرة”. وأضاف أنَّ “الإطار رحَّب ببيان المبادرة ولكن ليس هناك تخاطب رسمي للردّ على البيان، برغم أنَّ الاتصالات غير الرسمية متوفرة بين الإطار وكتلة المستقلين والجميع بها في المفاوضات”، وأشار إلى أنَّ “التيار الصدري-حتى الآن- لم يرفض المبادرة وبنفس الوقت لم يرحب بها، وستتحرك اللجنة لمعرفة موقف التيار من المبادرة “. بدوره، رأى المحلل السياسي، غالب الدعمي، في حديث لـ”الصباح”، أنَّ “مبادرة المستقلين غير مقبولة ولن تقبل من كل الجهات؛ باستثناء الإطار التنسيقي، وهذا يؤكد أنَّ أغلب المستقلين الذين حضروا بهذه المبادرة منتمون للإطار ومنضمون منه، لأنَّ خارطتهم واضحة، فهم كانوا أصلاً ينتمون للإطار التنسيقي أو فعالياته المتعددة، ولكن رشحوا في قوائم منفردة، لذلك هم جزء من الإطار وإن قالوا نحن مستقلون”، على حد تعبيره. وأوضح أنه “لذلك قوبلت مبادرة المستقلين بالترحيب من الإطار، برغم أنَّ عدد المستقلين الذين حضروا بيان المبادرة لا يتجاوز 20 نائباً، ولم يكن نواب (امتداد) أو (الجيل الجديد) حاضرين، إضافةإلى أنَّ سقف مطالبهم عالٍ جداً، ومنها الحصول على رئاسة الوزراء واللجان النيابية والهيئات المستقلة”. ولفت إلى أنَّ “الاتفاق الجديد هو الانسداد، لأنَّ اختلاف الرؤى بين التيار الصدري والإطار التنسيقي مازال موجوداً، وانسحاب التيار الصدري للمعارضة لا يعني تشكيل حكومة من قبل الإطار مع أطراف تحالف السيادة والحزب الديمقراطي، لذلك يبقى الأمر على ما هو عليه لحين تنازل بعض الأطراف”.
بينما يرى المحلل السياسي الدكتور طالب محمد كريم أنَّ “قرارات المحكمة الاتحادية الأخيرة أوضحت أنَّ العملية السياسية غير متكاملة حتى الآن، وأنَّ الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال يومية، ومجلس النواب لا يستطيع مزاولة أعماله وأن يقدم مقترحات مشاريع قوانين”.
وأضاف كريم في حديث لـ”الصباح”, أنَّ “من الصعب جداً أنتستمر عملية التمسك بأطاريح الأغلبية السياسية والتوافقية أو المعارضة، وبالتالي يجب أن يكون هناك خيار سياسي جديد إذا ما أراد اللاعب السياسي العراقي الاعتماد على قدراتنا من نقاط قوة داخلية لمنع أي تدخل خارجي”. وبين أنَّ “المبادرات مازالت تراوح مكانها، والمبادرات لم تغير شيئاً من الواقع ولم تعالج جوهر الإشكالية الراهنة التي تعاني منها الدولة العراقية، وحتى مبادرة المستقلين من ناحية الإطار العام ليس بها إشكال؛ لكن من حيث الواقع فإنَّ القضية معقدة جداً، ولا أعتقد أنَّ أي كتلة سياسية تقبل بترشيح شخصية مستقلة لرئاسة الوزراء وتشكيل حكومة مستقلة بالمعنى الحقيقي للاستقلال، لذلك لابد أن يكون هناك طرح حقيقي يعالج جوهر القضية”.
ولفت إلى أنَّ “المواطن العراقي بات يتلمس خطورة التأخير، إضافة إلى أنه لا تعنيه حكومة أغلبية أو توافقية، بل هو يطالببأنَّمن يأتي لرئاسة الحكومة يجب أنيخضع للمعايير الوطنية وفق خطوات عملية واقعية تنقل الواقع العراقي إلى مستوى أفضل”. إلى ذلك، أعلن القيادي في الإطار التنسيقي النائب محمد الصيهود الوصول إلى طريق مسدود بعد استمرار الانسداد السياسي، وقال:إنَّ “التحالف الثلاثي أعدَّ هذا السيناريو الذي وصلنا إليه الآن وهو التأخير في تشكيل الحكومة بحجة الأغلبية وهي ليست أغلبية وإنما توافقية مجزأة؛ أي وجود ثلاثة أحزاب من ثلاثة مكونات (شيعية وسنية وكردية)، وعليه نحن نريد التوافقية لكن الشاملة ومن يُردْ الذهاب للمعارضة فالخيار مطروح أمامهم
 


 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شناشيل  للاستضافة والتصميم

pepek