محمد ابو النيل
ـ لقَد عادَ حُزني والأسى وتَألمي مُذ أبصَرَت عَيِني هِلالَ مُحِرمِ ـ من أراد ان يكون له الحسين (عليه السلام), عِبرَة وعَبرة, عليه ان يفهم منطلقات وأهداف نهضته الإصلاحية, وعليه ان يقرأ الرسالة, التي بذل الأئمة الأطهار, الجهد الجهيد في سبيل ترسيخها, ألآ وهي قضية الشعائر, لذلك وجب على الجميع فهم فلسفة الشعائر الحسينية, وما المقصود بهذه التسمية, لأنها صورة مكملة لثورة الدماء الطاهرة.
الشعائر جمع شعيرة, وهي مؤخوذة من العلامة والإمارة, والقرآن أشار في قصة هاجر, عندما أنهك العطش, ولدها إسماعيل (عليه السلام), وأخذت تركض يميناً وشملا, هذه الركضات عدها تعالى من الشعائر, حيث قال (والصَفَا والمَرَوة من شَعائِرِ الله فَمَن حَج البَيتَ او إعتَمَر فَلا جُناحَ عليه ان يَطّوفَ بِهِما ومن تَطَوَعَ خَيَرا فَأن الله شَاكرٌ عَلِيم) جعلت هذه الركضات, التي قامت بها هذه المرأة, بوضع شاق ومتعب, من شعائر الله.
الشعيرة مؤخذة من هذا المنطلق, وهو أمر يدل على شيء او هدف, فجاءت مجموعة من الممارسات منها رثاء الحسين, والبكاء عليه, وتسند كلها بأحاديث شريفة, بعضها صحيحة, وأخرى موثقة, دلت على ان الإمام الباقر والصادق والرضا (عليهم السلام) دعوا أصحابهم, الى البكاء وإستذكار ماجرى في يوم عاشوراء, فصار البكاء شعيرة, دعى أئمة أهل البيت الى إحيائها.
عن الفضيل بن يسار عن الامام الصادق (عليه السلام) (قال يافضيل أتجلسون وتتحدثون, قلت نعم, قال إني أحب هذه المجالس, فأحيوا أمرنا, رحم الله من أحيا أمرنا) لوتأملنا بهذه الكلمات, التي نطق بها فم عصموي, لوجدنا ان (إحيوا) فعل أمر, وأفعال الأمر, اذا عرضت في اللغة العربية, تفيد الأمرية, واذا عرضت في علم الاصول أُفيد منها الأمرية والإنقياد, هذا ماذهب إليه ذوي الإختصاص, فأننا عندما نحي الشعائر, إنقياد وتنفيذ لإمر المعصوم, وليس لرغباتنا وأهوائنا الشخصية.
كيف نحي أمر آل محمد؟ ان أسلم الطرق وأقصرها, هو إتباع قول وفعل وتقرير المعصوم, في هذا الشأن, وان دعوة الإمام السجاد (عليه السلام) لبشر, بعد عودتهم من الشام الى المدينة, بقوله (يابشر إنعى الحسين) تعيدنا الى دائرة الأمرية, ولوجدنا ان فعل الأمر (إنعى) جاء لإقامة العزاء ورثاء الحسين (عليه السلام) فضلا عن أول الأفعال التي قام بها بشر, عندما غطي بالسواد, ونشر الرايات, اي ان نشر الرايات, ولبس السواد من الشعائر, بأمر وتقرير المعصوم.
يقول الفقهاء, ما من مسألة إلآ ولله فيها حكم, وماتقدم هو أمثلة مختصرة, من بعض الشعائر الحسينية, وأسانيدها, وقيمومة آل محمد (صلواته تعالى عليهم), بشكل مباشر على تطبيقها, وترسيخ وجودها, فلا ينبغي ان تمر علينا حركة الحسين (عليه السلام) مرورا فلكلورياً, لا يستفيد منه مجتمع, كالذي نعيش فيه, بمشكلاته التي لاتعد ولاتحصى.
ان خير ما يمثل ملامح العِبرة, من ثورة الحسين, في يومنا هذا, هو إمتثال المؤمنين, لصرخة الحسين (عليه السلام), على لسان المرجعية الشريفة, والوقوف سدا منيعاً في جبهات الحق, من أجل الدفاع عن الأرض, والعرض والمقدسات, ولاشك ان القرأة في سيرة الحسين, تصنع قادة كما هو حال غاندي وغيره, فكيف بمن أرضع حب الحسين (عليه السلام), من المؤكد انه لايعطي بيده إعطاء الذليل.
|