أنتقد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي، عمار الحكيم، "انانية بعض الساسة " في ادارة الملفات الحساسة والمهمة" مشددا على ضرورة "اغتنام فرصة الدعم الاقليمي والدولي للعراق للخروج من الازمات". وذكر الحكيم في كلمته بمناسبة يوم الشهيد العراقي عقدت بمكتبه ببغداد في ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الحكيم والمرجع الديني الشهيد محمد باقر الصدر بحضور الرئاسات الثلاث وجمع من السياسيين وشخصيات دينية "ان التضحيات التي قدمناها بعد سقوط الصنم لا تقل عن التضحيات التي قدمناها ونحن نقاتل الطاغوت وكل اجهزته القمعية المتوحشة، وهذه الحقيقة دليل قاطع على اننا مازلنا في مرحلة المواجهة وفي اوج لحظات الصراع، ولكن هذه المرة فأننا لا نقاتل اصنام الديكتاتورية والاستبداد وحسب وانما نقاتل اصنام الذاتية والنرجسية والشخصنة التي انتصبت في داخلنا من حيث لا نشعر". وأضاف "لقد كانت معركتنا نحو الحرية قاسية ودامية ومؤلمة بحيث اننا تجاهلنا ساحة مواجهة أخطر واشد ايلاما الا وهي مواجهة أنفسنا ورغباتنا، لقد انتصرنا في الجهاد الاصغر ولكننا مازلنا نعاني في الجهاد الاكبر، وهذا مايقلق قادتنا وشهداءنا الذين سبقونا ورسموا لنا منهجا وخطوا لنا طريقا ومنحونا رؤية ومشروعاً". وأشار الحكيم الى ان "عدونا اليوم ليس دكتاتوراً قابعاً بقصره ويعتقل شعبه المظلوم خلف جدران الذل والاستعباد، وعدونا ليس ارهاباً اعمى وشيطانياً يعتاش على اجساد الابرياء باسم الدين والشهادة الموهومة ، انما عدونا الحقيقي هو أنفسنا ونحن نتحمل هذه المسؤولية العظيمة من اجل ان نخدم هذا الشعب الكريم ونكون مؤتمنين على هذا الوطن العظيم". وبين "هنا التحدي الاكبر الذي اكتشفنا انه من أخطرالتحديات، فان تسقط على يد عدوك ليس كما تسقط على يد اخيك ورفيقك في المشروع والمنهج والرؤية، وليس كما تسقط بعيون شعبك المتطلع للمستقبل بقلق وحيرة" مؤكدا ان "عدونا الحقيقي اليوم هو عدم اتفاقنا على رؤية واحدة نسير بها معا في بناء هذا الوطن المعطاء، وعدونا هو تقاطعنا في عنوان الوطن واختلافنا في مساحة وتعريف الشعب وعدم ادراكنا لعمق القدر الالهي لوطن اسمه العراق". وتابع الحكيم "لقد قدمنا الكثير ولكن كان بالإمكان ان نقدم الاكثر والافضل ، وقد عملنا الكثير ولكن اضعنا ايضاً الكثير من الفرص التي لا تعوض وقد توفرت لدينا مساحة العمل بصورة مختلفة وتدقيق حساباتنا وتقييم خطواتنا وان نراجع مسيرتنا دون ان نتراجع عن خدمة العراق وشعبه وتحمل مسؤولياته". وأشار مخاطابص الحاضرين "أسمحوا لي ان أمزج حديثي اليوم بنبرات الالم ولكن دون ان يُخنق بشهقات الاحباط واليأس فقد تعلمت من شهيد المحراب ان اليأس لا يصنع نصرا ولا يقوم اعوجاجا ولا يحمي مشروعاً، والالم يعتصرنا جميعا لأننا نحمل الكثير من النوايا الصادقة ولكن القليل من نكران الذات التي يحتاجها هذا الوطن كي يتعافى من جراحه وينهض من جديد ليؤدي دوره المرسوم له في ذاكرة التاريخ، جميعنا يحمل الكثير من النوايا النبيلة ولكن الاماني لا تبني الاوطان ولا تحمي الشعوب ولا تؤمن المستقبل ، وانما العمل الحقيقي الصادق والتجاوز على حدود " الانا " كي نلتقي جميعا في مساحة " ال نحن" هذا هو العلاج الاكيد لكل ازماتنا وتحدياتنا واخفاقاتنا". وقال رئيس المجلس الاعلى الاسلامي "انها [النحن] التي نسيناها او تناسيناها في خضم هذا الصراع المزدوج الذي نخوضه منذ عقد من الزمن بيننا وبين اعدائنا [اعداء العراق] وبيننا وبين انفسنا الامارة بشهوة السلطة والنفوذ والتفرد، انها " ال نحن " ايها الحضور التي ستعبر بنا وبالعراق الى الضفة الاخرى ، هذه " النحن " الكردية و " ال نحن" العربية والتركمانية والشبكية ، وهذه " ال نحن" السنية والشيعية والمسلمة والمسيحية والصابئية والايزدية ، جميعها يجب ان تمتزج بعنوان اكبر واعمق واصدق الا وهو " ال نحن " العراقية، وهذه " ال نحن " هي التي ستعيد لنا العراق الذي حلمنا به وقاتلنا من اجله واستشهد قادتنا في طريق تحريره". وأوضح ان "هذه [ال نحن] التي اضعناها في دهاليز السياسية وتناسينا اننا اخوة سلاح ورفاق درب ومواطنون في ارض الانبياء والائمة والصحابة والاوصياء والاولياء ، وهذه " النحن " التي حين اضعناها ضاعت معها الموصل والانبار وصلاح الدين وتهددت اربيل وكربلاء الحسين واختنقت بغداد الحضارة". واستطرد الحكيم بالقول "الان لدينا فرصة كبيرة ولن اقول اخيرة، لان العراق لن تكون امامه فرص اخيرة ابدا، فالعراق اكبر من كل المقاييس والمواصفات وخارج اطار التحديد الزمني، هكذا نؤمن بالعراق وبهذه الرؤية نسير في رحابه، ولكن الفرص المحدودة تكون لنا اصحاب المشروع وحملة الراية والمتصدين للمسؤولية". وأكد "انها الفرصة الكبيرة التي جاءت لنا بعد عقد من الزمن تقاطعنا فيها بما يكفي وجربنا فيها كل الحلول الترقيعية واستخدمنا كل الفرضيات الطائفية والقومية والاثنية والمناطقية، ولكن بعد عقد من الزمن والالم فان الفرصة تقول لنا باننا جميعا مشاريع ناقصة ولا نكتمل الا بالعراق الذي يجمعنا". وأوضح ان "العراق كبير بما يكفي ليكون لنا جميعا بكل تنوعاتنا وتضاد افكارنا وتقاطعاتنا المقبولة ولكن لتكن تحت سقف العراق وليس فوقه، ولتكن تحت سقف الوطنية وليس خارجها" لافتا الى "انها ليست ازمة حكومة وانما ازمة هوية، ومتى ما تجاوزناها فان كل المشاكل مهما كبرت تبقى صغيرة امام المخلصين وكل التحديات مهما عظمت تبقى محدودة امام المتوحدين على الوطن والرؤية". وقال الحكيم "من هنا ومن هذا المنبر ومن وحي هذه المناسبة اوجه ندائي لكل قادة العراق الخيرين الذين تفانوا وضحوا من اجل العراق واقول لنتجاوز الماضي ولنركز على الحاضر ولنعمل بصدق وجد وتلاحم من اجل المستقبل". وأشار "لقد قدمنا مبادرتنا للإصلاح الوطني وتفهمنا احتياجات الحكومة وقيادتها التنفيذية في التعامل مع متطلبات وتحديات المرحلة، واقترحنا تشكيل المجلس السياسي للأمن الوطني كي يكون مكاناً جامعاً لقادة العراق ويكون حلقة للحكمة والاستشارة فتكون القرارات التي تهم العراق ومستقبله متفقاً عليها من قبل قادة العراق ومشاركين فيها وتوفر الغطاءات المرجوة للحكومة ورئيسها". ولفت رئيس المجلس الاعلى الاسلامي الى ان "أمام العراق اليوم فرصة كبيرة متمثلة بالدعم الدولي الواسع والتفهم الاقليمي لدوره ومساحته وتحدياته، وعلينا ان نستثمر هذه الفرصة ونتجاوز الاختناق السياسي ونشكل حكومة اصلاحية نمنحها الدعم المطلوب والمساحة الكافية كي تتمكن من ايجاد الحلول الجوهرية للمشاكل المستعصية". وبين، ان "أي عملية اصلاحية لابد ان ترافقها بعض الالام والاوجاع وهنا يأتي دور القادة الحقيقيين للعراق كي يتعاملوا على قدر المسؤولية فيدعموا الحكومة وقراراتها جماهيرياً مثلما يدعمونها تشريعيا، وبالمقابل على رئيس الحكومة وفريقه الحكومي ان يكونوا مدركين ان نجاحهم سيكون معتمدا على الدعم السياسي والجماهيري الذي يحصلون عليه من قادة البلد وان شعور الجميع بالمشاركة في القرار يمنح مساحة الثقة المطلوبة لعبور هذه الازمة والتي ندعو الله ان تكون اخر الخنادق الصعبة قبل ان يبزغ فجر العراق الذي حلمنا به، انها دعوة صادقة للعودة الى " ال نحن " ومغادرة " ال انا " التي ارهقتنا واوجعتنا". وتابع، ان "النهايات العظيمة تليق بمن عاشوا بتواضع وعملوا بإخلاص وتفاني وكانوا يركزون ابصارهم على نهاية الطريق ولا تشغلهم المحطات الجانبية او تشاغلهم المعوقات المرحلية ، فكانوا منذ البداية يعرفون ويدركون كيف ستكون النهاية وان كانوا يجهلون توقيتها الزماني او موقعها المكاني ، ولكن رؤيتهم كانت منسجمة مع ذاتهم فتحولت ذواتهم الى شواخص يقتدى بها تعبر عما حملوه من رؤية ومشروع". وأضاف الحكيم "هكذا كان شهيد المحراب مؤمنا بنهايته الحتمية في سبيل قضية شعبه ووطنه ودينه وعقيدته، وعندما انهار الطاغوت وتحطم صنم الاستبداد ، كانت هناك لحظات امتزج فيها الفرح بالقلق، حيث التحرر هو غاية الاحرار ولكن كانت الرؤيا ان تكون النهاية بعظمة المشروع الذي جاهدنا من اجله وخصوصا ان شهيد المحراب لديه عهد ووعد من استاذه وقائده وأخيه الاكبر الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه". وقال "كان العهد ان تكون البداية واحدة والنهاية واحدة وان اختلفت التفاصيل الزمانية والمكانية ولكنها تتطابق بمعنى التضحية والشهادة والقدوة في عطاء الدم ، وعطاء الدم هو منتهى درجات السمو التي يحصل عليها المتواضعون كي يرووا بدمائهم ارض الحرية فتنبت منهجا ومشروعا وقضية". ونوه الى ان "الصنم قد سقط ولم تأتِ لحظة الالتحام الكبرى والخاتمة العظيمة، فكانت فرحة المنتصرين تزاوجها غصة المنتظرين، ولكن الرؤية الثاقبة الصلبة المؤمنة كانت لا تزال ثابتة على بوصلتها فكان تكريم الله العظيم للمتواضع الكبير ان تكون لحظة النهاية بأرض الاجداد وبجوار الاحباب وفي محراب العقيدة، وليكون قائدنا الكبير البوابة لمرحلة جديدة من التضحية والشهادة مثلما كان استاذه وقائده الشهيد الصدر بوابة لمرحلة كبيرة وعظيمة من الشهادة والتضحية، هكذا تتكامل المشاريع في مسار رؤية واحدة وترسيخ منهج واحد". وختم الحكيم كلمته بالقول "من وحي ذكرى استشهاد الشهيدين الكبيرين ، الشهيد الصدر والشهيد الحكيم ، من وحي هذه الذكرى العطرة اوجه رجائي الى اخوتي وارفع يدي بالدعاء الى ربي كي تتلاحم القلوب وتتشابك الايادي ونتجاوز الحسابات الضيّقة لنلتقي عند العناوين الكبيرة ولا يوجد عنوان اكبر من العراق ومستقبله ومستقبل شعبه بكل طوائفه ودياناته وقومياته، لقد علمنا شهيد المحراب ان نكون وسطيين معتدلين نقدم الحلول ونسعى مايمكن الا نكون جزء من المشكلة، وانما جزء من الحل".


 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شناشيل  للاستضافة والتصميم

pepek