* جميل ظاهري

 

للعام الثالث على التوالي والبحرین تشهد وفي مختلف مناطقها خاصة العاصمة المنامة رفضاً شعبياً واسعاً من مختلف قطاعات الشعب بسنته وشيعته لسباق "فرمولا" الذي تلطخ ومنذ عامه الأول بالدم البحريني البريء الرافض لاقامته والمطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة ورفضاً للعنف والتمييز الطائفي والقبضة الحديدية التي ينتهجها نظام البغض والحقد الخليفي منذ أكثر من خمسة عقود .

مسيرات جماهيرية ووقفات تضامنية واعتصامات شعبية في اطار فعاليات "براكين العزة" ترفع يافطات كتب عليها "أوقفوا فرمولا الدم" في شارع القاعدة الاميركية بمنطقة "الجفير" وغالبية مناطق البحرين بحضور شعبي مميز مطالبين القائمين على المسابقات بالتخلي عن اقامتها على الأراضي البحرينية احتراماً للدماء الزكية والطاهرة التي سقطت برصاص العنف الطائفي الخليفي ومنذ اللحظة الأولى لثورة العز والكرامة والفداء؛ كما وله دلالات عديدة منها أن هذه المسابقة تعطي الشرعية لممارسات النظام التعسفي الفاقد للشرعية، ومنها ارسال رسالة للطرف الأميركي الذي أصم أذنيه وأغلق عينيه على خروقات النظام القاتلة في مجال حقوق الانسان فيما يتشدق هذا الداعم (اميركا) اعلامياً وسياسياً بحرصه على ذلك في البلدان المناوئة لسياسته التدخلية الاستعمارية في العالم خاصة منطقة الشرق الاوسط للسيطرة على ثرواتها النفطية . 

مسيرات سلمية تعكس عزة وكرامة وفضيلة شعب أبيّ يرفض الذل والركون والركوع لغير الله سبحانه وتعالى مؤكداً عزمه الراسخ بالمضي قدماً في مجال تحقيق مصالحه الوطنية بالعدل والمساواة والمشاركة الشعبية وحرية الرأي والتعبير رافضاً كل شكل التمييز الطائفي والعرقي، وقدم التضحيات الجسام تجاوز عدد قرابينه أكثر من (110) شهيداً من طفل رضيع وشيخ كبير وشباب وحرائر سقطوا برصاص شوزن وغازات الحقد والكراهية الخليفية السامة المحرمة دولياً واصابة الآلاف، فيما يقبع المئات من ابنائه البررة والخيرة في سجون ومعتقلات آل خليفة المخوفة دون محاكمة لا ذنب لهم سوى المشاركة في مسيرات العزة والاباء السلمية أو ممن عبر عن رأيه بخصوص السلطة العائلية القابعة والجاثمة على رقاب الشعب البحريني الأعزل منذ عقود طويلة بينهم قيادات ورموز سياسية وطنية وعلمائية رفيعة من سنة وشيعة بامكان بعضها قيادة الأمة واعتلاء منصب رئيس الوزراء كما هو الحال مع أمين عام جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" الاستاذ "إبراهيم شريف السيد" .

شعب قرر مواصلة مسيرته سلميّاً حضاريّاً بيد خالية وعزم راسخ وإرادة حديدية بكل فضيلة ووعي ورعاية لحرمة الانسان بختلف دياناته، رافضاً استباحة حرمته والولوج في صراع داخلي طائفي رغم مساعي خطابات واعلام اصحاب الفتنة لاشعال نار الحقد وتخويف الأخ من أخيه مما أدهش العالم بصبره وثباته ومساعيه الكبيرة لاتقاذ بلده المنكوب بالاحتلال وسوء الادارة بسطوة اللصوص والمجرمين والساخطين ومنتهكي حقوق الانسان وناهبي الثروات وحاملي لواء المذلة والخذلان والعمالة والركون للمحتل الأجنبي حفاظاً على كرسي الحكم ومسند السلطة؛ حكومة تصر على مواصلة وتكريس سياسة التمييز الطائفي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ضد مكون وطني رئيسي يشكل غالبية الشعب ضمن مخطط يهدف لاقصاء الأغلبية السياسية المطالبة بالتغيير الديمقراطية عن المشاركة في ادارة الدولة، وتتعمد الامعان في التمييز لجعل التغيير السياسي محظورا.

نظام قمعي ينتهك حرمات المواطن ومقدساته ويهدم عشرات المساجد ودور العبادة ويسوق الحرائر نحو المعتقلات ويعرضهن لبشع أنواع والتعذيب، وسلطة رذيلة لا تزال تصر رغم مضي أكثر من ثلاثة أعوام على انطلاق الثورة الشعبية في 14 فبراير عام 2011، على الحل الأمني وبعيدة كل البعد عن المصداقية والجدية والحقيقة تتصدى بكل وسائل القمع والاجرام لشعب لا يطالب سوى بحقوقه المشروعة المسلوبة والعادلة بالتحول الى نظام ديمقراطي يكون هو مصدر السلطات فيه بدلاً من الاستبداد والقبلية والوثنية التي تحكم البلاد منذ عقود طويلة، فیختار حکومته ومجلسه التشریعی بحریة عبر انتخابات نزیهة تقوم على أساس المساواة بین المواطنین في الصوت الانتخابي كاحد مطالبه في "وثیقة المنامة" التي قدمتها كبريات جمعيات المعارضة البحرينیة في اكتوبر 2011 بعد اكثر من 8 اشهر على انطلاق الانتفاضة الشعبیة وتمثل الوثيقة الطريق الوحيد لحل مشکلة البحريننحو الحرية والديمقراطية حيث تطرقت الى "الاساليب المعتمدة للحراك، والطريق الى الحل والرؤية الى البحرين المستقبلية" بعيداً كل البعد عن أي نوع من أنواع "الاضطهاد السياسي" لآي فريق أو فئةأو طائفة مهما بلغ حجمها .

ما يدور في البحرين هو صراع بين فريقين: فريق يطالب بالديمقراطية وهو مكون من المعارضة السياسية بمكوناتها الأيدلوجية والسياسية والمجتمعية والاثنية التي تشكل الغالبية المطلقة للشعب، وبين فريق صغير يعمل على إبقاء الوضع على ماهو عليه دون تغيير رغم الحاجة الملحة لعملية التغيير اللازمة لتطوير واقع البلاد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي- كما تؤكده وثيقة المنامة .

فواقع البحرين السیاسي قائم منذ البداية على فلسفة معوّجة أسسها الغلبة بالقوة، بدل التوافق والتآخي والتعاون والارادة الشعبیة الحرة، وعلى الإستئثار بدلاً من المشارکة فی القرار والثروة بشکل دیمقراطي وعادل؛ وقد أنتجت هذه الفلسفة سلسلة من الأزمات التی لم تنقطع فدمرت الکثیر من الواقع الإیجابي لشعب البحرین، وقوضت وفوتت الفرص الکثیرة على الوطن وأبناءه وبناته .

وطن یدار من قبل قلة قليلة لا تتجاوز أصابع الید الواحدة، فيما یراد لبقیة الشعب برمته أن یکون منفذاً لرغبات القلة القليلة وإرادتها وطموحاتها وقراراتها القبلية لا غیر؛ وطن تستفرد بثرواته الکثیرة والمتعددة طبقة متنفذة ليست من أبناء ذلك الوطن بل جاءت من خارجه وأستولت على الأراضي والأموال العامة بفرض قوة المحتل الأجنبي الثعلب العجوز البريطاني إبان الاحتلال القرن الماضي انتقاماً لرفض أبناء الوطن للاستعمار والاحتلال، بتسليط الدخيل على أبن البلد وأصحاب الأرضليحرمهم وتسلبهم أبسط حقوقهم المشروعة في العيش الآمن والسليم والحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية تلك الحقوق التي أقرتها الأديان السماوية والقرارات الدولية وميثاق الأمم المتحدة.

سلطة ضربت كل الحقوق والقوانين الدولية والسماوية عرض الحائط لم ولن يشهد التاريخ مثيلاً لها، تفتعل الحيل وتتفن في سبل إيذاء المواطن لأبسط الموارد فتصدر أحكاماً بالسجن المؤبد على عشرات المواطنين ل"نيتهم" مهاجمة شرطي أو مركزاً للشرطة أو لمشاركتهم في المسيرات والتظاهرات والاعتصامات السلمية التي تطال البلاد منذ ثلاثة أعوام على مرأى ومسمع المجتمع الدولي خاصة الاميركي والغربي المتشدق بحقوق الانسان وحرية التعبير وكأن لم يكن شيء يذكر في البحرين؛ فكانت من موارد البطش المضحك المبكي التي يمر بها شعب البحرين المظلوم أن تصدر محكمة أمن النظام الفرعوني حكاماً ب"السجن المؤبد" على الشهيد "صادق سب" الذي سقط دهساً بسيارة أمن آل خليفة قبل 19 شهراً في السهلة، وذلك ضمن مجموعة من الشباب حكمت ضدهم بالمؤبد في قضية "الشروع بقتل رجل أمن" في وقت يبريء به النظام أزلامه القتلة المأجورين الذي جاء بهم من الاردن وباكستان وبقايا نظام "صدام" المعدوم ورغم وجود أدلة دامغة وموثقة تثبت أدانتهم بقتل الابرياء بدم بارد .

ختاماً.. فتحية عز وإجلال وإكبار مليئة بالاعجاب والتقدير لشعب البحرين العظيم الثابت الخطى في مسيرته المطالبة بحقوقه المشروعة رغم كل أصناف الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها من قبل زمرة مدججة بمختلف أنواع الاسلحة والامكانيات، وتخاذل الضمير العالمي عن الوقوف الجاد والحقيقي الى جانب مطالبه العادلة على أرض الواقع بعيداً عن الشعارات الملونة الخاوية .

تحیة  بكل ما للكلمة من معنى لشعب البحرين الأبي الذي توكل على الله سبحانه وتعالى وفوض أمره، ومضى في طریق الکرامة والأمر بالمعروف والنهي عن المنکر، واثقاً بعدالة قضیته، مؤمناً بضرورة خطواته ومطالبه، مستعداً للعطاء والبذل من أجل کرامته وعزته، وبناء حاضره ومستقبل أبناءه على أساس من الکرامة الإنسانیة، والدولة العادلة التي تحتضن جمیع أبنائها على قاعدة المساواة في الانسانیة والمواطنة - الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق البحرينية .

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

قائمه


 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شناشيل  للاستضافة والتصميم

pepek