أعلنت وزارة الداخلية السعودية، السبت، تننفيذ حكم الاعدام بحق الشيخ نمر باقر النمر وعدد اخر من المواطنين السعوديين.

وأعلنت الوزارة تنفيذ حكم الإعدام بحق 47 شخصا بينهم فارس الشويل والشيخ نمر النمر.

يمثّل الشيخ نمر النمر، شجاعة وبَأْسِ من طراز خاص، ليصبح رمزاً للجرأَة والإقدام على إصابة "كبد" التكفير المتمترِس بكروش الوهابية المتخمة بالدولارات، في عقر داره، إذ نشأ وترعرع في السعودية، التي تدير مؤسستها الدينية، جماعة وهابية متشدّدة، بعقلها الاتهامي التأثيمي، تكفّر الشيعة واليهود والنصاري على حد سواء، في محرقة يُطْبَخُ فيه الآجُرُّ، وتعتقد إنها الفرقة الناجية الوحيدة، وعداها، فانّ الجميع في النار.

وإذ قرَعَ الشيخ، نواقيس الخطر من الوهابية على العالم، وأقض مضجعها في مكان نشأتها، في مملكة نفط، يُسخَّر فيها الريع مقابل الولاء، حيث لا تمثيل سياسي لشعب لا يدفع رسوماً للدولة، فقد تكالب عليه التكفيريون، وتوعدّوه مراراً وتكراراً، حتى اعتُقل عدة مرات في 2006 و2008 و2009 و2012. وفي 15 تشرين أول 2014، حكمت عليه المحكمة الجزائية في السعودية، بالإعدام.

وفي كل مرّة، تطلق الجهات السعودية المسيَّرة بالفكر التكفيري، بالونات اختبار، وتخرج ما في جعبتها من السِّهام والنِّبال الموجهة للشيخ، لقياس ردود الأفعال، فيما لو أقدمت على إعدام الشيخ، ولازالت تفعل ذلك، في خبط عشواء، بخطوات تحريض على عواهنها، لكي تخلط الأوراق في جدّيتها بإعدام الشيخ، من عدمه.

لكنّ محاولاتها في قهر المبادئ التي زرعها الشيخ النمر، لم تجد نفعاً، مثل نافخٍ في رماد.

ومثلما ضايقت الدكتاتوريات الأنظمة الرجعية والفاسدة علماء الدين، لاسيما في العراق، تربّص النظام السعودي بالشيخ النمر، في محاولة لاستئصال شأفته، بعدما أدركت خطره عليها، ودعواته في انقاد الطائفة الشيعية في السعودية من التهميش والتصفية، ليتجاوز في جهاده وعمله، الدور الوعظي والافتائي إلى قيادة الحراك الاجتماعي والثقافي أيضا، ناهيك عن الدور الإسلامي والسياسي، لتثير خطاباته الثورية المهاجمة لآل سعود، المتحالفة، مع الفكر التكفيري، جدلًا واسعًا.

سيرة

ولد الشيخ نمر باقر النمر بمنطقة العوامية - وهي إحدى مدن محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية- عام 1379 هـ، وهو ينتمي إلى عائلة رفيعة القدر في المنطقة، برز فيها علماء أفذاذ، وخطباء حسينيون.

بعد إتمامه المرحلة الثانوية، هاجر إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، طلباً للعلوم الدينية الشرعية في عام 1399 -1400 هـ، فالتحق بحوزة "الإمام القائم" العلمية التي انتقلت إلى منطقة السيدة زينب (ع) بسوريا، فيما بعد، حيث تابع الشيخ دروسه في علم الأصول، وأصول المظفر، ورسائل الشيخ الأنصاري، والكفاية للآخوند الخراساني.

وفي الفقه، درس اللمعة الدمشقية للشهيد الأول، وجامع المدارك للخوانساري، والمكاسب للشيخ الأنصاري، ومستمسك العروة الوثقى للسيد الحكيم، وغيرها من كتب الفقه، وحضر دروس وأبحاث أبرز أساتذة حوزة "الإمام القائم" على أيدي علماء دين أفذاذ.

بعد انتهاء دراسته، شرع في تدريس الطلاب في الحلقات العلمية، ومن ثم بدأ بتدريس السطوح وكتاب المكاسب، والرسائل، وكفاية، وكتاب اللمعة الدمشقية، وجامع المدارك، ومستمسك العروة الوثقى، والحلقات للسيد محمد باقر الصدر، وغيرها من الدروس الحوزوية، ليتخرج على يديه ثلّة من العلماء، الذين ويمارسون الأدوار الدينية والاجتماعية والقيادية، في مجتمعاتهم.

وتولى الشيخ، إدارة حوزة الإمام القائم بطهران وسوريا، لعدة سنوات، وكان من أعمدتها وإدارييها المتميزين، وساهم مع زملائه العلماء في تطويرها وتقدمها.

يقول مَنْ عايش الشيخ النمر، كيف كان متمسكاً بالمبادئ في مسيرته الفكرية والجهادية، مثلما امتلك نظرة ثاقبة في المستجدات السياسية والاجتماعية، منطلقاً من رؤية تحليلية مستقبلية، استمدّها من إيمانه بالقرآن، وهدى السنة، وبما انطوى عليه من ثقافة غزيرة ومتنوّعة.

وفي ذروة تراجع، الصحوة الدينية، أوجد حراكاً دينياً وثقافياً، بين الشباب، لغرْس روح التقوى وقوة المبادئ في النفوس، وإشراك المرأة في الصلاة بالحضور والتواجد الفاعل، إلى أن أصبح وجودها أمراً واقعاً، مفعّلا دور النساء، واستثمار طاقاتها في المجالين الديني والاجتماعي، والعمل على صقل كفاءتها، وإبرازها في المجتمع.

وفي الجانب الثقافي، أثرى الساحة الإسلامية بالكثير من المحاضرات الرسالية التي تربو على 1900 محاضرة، مثلما له مشاركات في الندوات الدينية والعلمية في المنطقة وخارجها، وله أبحاث ومقالات.

حارب الشيخ العرف الاجتماعي والديني الجاهلي، والتقاليد البالية، واستذلّ واستقلّ الأغلال الاجتماعية المتخلفة، التي تعيق تقدم الإنسان وتفكيره، أبرزها دعوته إلى تخفيض المهور، وتقليل التكاليف الباهظة للزواج، وسعى إلى إشاعة "مهر الزهراء"، الذي يبزّ عوائق الزواج وتكاليفها الباهضة.

 واقض مضجع ال سعود من الجبابـرة الذين أسسوا الملك واستكثروا السلاح والكـراع لقتل أبناء شعبهم، بنداءه المدوي بضرورة إعادة بناء قبب أئمة البقيع التي هدمتها الوهابية.

البقيع المُغيّب

 وفي هذا السياق، شحذ الهمم لإقامة مهرجان لإحياء هذا الحدث تحت عنوان (البقيع حدث مُغيّب) وقد تعرض هذا المهرجان لتدخل أمني من قبل السلطات السعودية، مما أدى إلى المنع من إقامة المهرجان، ثم نادى بإقامته تحت مسمى (البقيع الخطوة الأولى لبنائه)، وقد تعرض أيضاً للمنع من سلطات الأمن، ما أنتج عن هذين النداءين وعد من الحوزة العلمية في العراق بالتكفل بتكاليف البناء، كما جمعت تواقيع 8 ملايين من الشيعة للمطالبة ببناء البقيع.

وأثمر هذا الحماس الثوري من الشيخ النمر عن إقامة المهرجان برغم المنع له.

سياسيا، قدّم الشيخ النمر الى نائب أمير المنطقة الشرقية عريضة نموذجية غير مسبوقة، تجسّد المطالب الشيعية في المملكة، وقد أثنى على هذه المطالب المعارض السعودي السني سعد الفقيه، فيما نادى بتشكيل "جبهة المعارضة الرشيدة"، لمعارضة الفساد الاجتماعي والكهنوت الديني والظلم السياسي، الواقع على المواطنين الشيعة في السعودية، الذين إنْ سلموا مــن الغرق في ظل نظام ناتج عن تحالف "عائلي-كهنوتي" لم يسلموا مــن المخاوف.

هذه النشاطات، وانفتاحها الفكري، وديناميكيتها المتجاوبة مع روح العصر، دفعت الحكومة السعودية المتحالفة مع الوهابية، الى العمل على التضييق عليه واعتقاله، وزادت من التنكيل به بعد وفاة الأمير نايف في 26 يونيو 2012، حين وقف الشيخ النمر على منبره في القطيف، واصفاً سلمان بـ"الطاغية"، في إشارة إلى الأمير سلمان بن عبد العزيز، الذي عيّنه الملك عبد الله وليًّا للعهد، خلفًا للأمير الراحل نايف.

ثم تساءل: "بأي حق يُعيّن سلمان وليا للعهد، ونحن نتفرج؟".

وفي مارس 2009 وَجّه  الشيخ النمر، انتقادات عنيفة لزعماء السعودية، الطاغـين المغترّين بقوّتهم المحتقرين لأمـر المستضعفين، بسبب أحداث البقيع، مهدّداً السلطات بانفصال القطيف و الأحساء، و تشكيل دولة شيعية مع البحرين.

قائمه


 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شناشيل  للاستضافة والتصميم

pepek